قناة بلاك نيوز - Black News Channel :
شعبان عبد الرحمن
أطبق الصمت على العالم، ودخل الضمير الإنساني في غيبوبة أفقدته السمع والبصر، بينما كانت الإيرانية السُّنية الطاهرة «ريحانة جباري» (26 عاماً) تستسلم لحبل المشنقة الظالم يوم احتفال الأمة برأس السنة الهجرية الجديدة.. والتهمة قتل ضابط مخابرات دفاعاً عن شرفها وم
بقلم: شعبان عبدالرحمنأطبق الصمت على العالم، ودخل الضمير الإنساني في غيبوبة أفقدته السمع والبصر، بينما كانت الإيرانية السُّنية الطاهرة «ريحانة جباري» (26 عاماً) تستسلم لحبل المشنقة الظالم يوم احتفال الأمة برأس السنة الهجرية الجديدة.. والتهمة قتل ضابط مخابرات دفاعاً عن شرفها ومنعاً له من اغتصابها قبل سبع سنوات (2007م).وفي نفس اليوم، لقي العالم الرباني المجاهد البروفيسور «غلام أعظم» (92 عاماً)، مؤسس الجماعة الإسلامية في بنجلاديش، ربَّه داخل سجون حكومة «عوامي» العلمانية المجرمة التي لم ترحم شيخوخته ولا مرضه، فألقته مهملاً في زنزانة انفرادية حتى لقي ربَّه.هذه فتاة في ريعان شبابها تدفع حياتها ثمناً لشرفها ودينها، وذلك شيخ كهل يدفع حياته ثمناً لخدمته لدينه وثباتاً على مبادئه.. وهكذا أجيال تتواصل جيلاً بعد جيل؛ حماية للدين وحراسة للعقيدة حتى ولو كان الثمن هو الحياة. مرت الحادثتان أو بالأحرى الجريمتان مروراً مخزياً خجلاً، ولا عزاء للإنسانية في قيمها.إعدام «ريحانة» سيظل عاراً يطارد الجميع؛ لأنه إعدام للشرف والفضيلة.. رسالتها لوالدتها التي تم الكشف عنها بعد إعدامها تنبئ عن شخصية فذة، تمتلك نظرة عميقة للحياة ومعانيها ومراميها، وتحليلاً بصيراً لمجتمعها ووطنها الذي أحبته، لكنه لم يرحمها، ولعل رسالتها لوالدتها تجسِّد ذلك، ولنتوقف قليلاً أمام مقتطفات من تلك الرسالة:«علمت اليوم أنه قد جاء دوري الآن لمواجهة القصاص.. أنا متألمة أنك لم تخبريني بنفسك أنني قد وصلت إلى الصفحة الأخيرة من كتاب حياتي، ألا تظنين بأنني كان يجب أن أعرف؟ تعرفين كم أنا خجولة من حزنك، لماذا لم تعطيني الفرصة لتقبيل يدك ويد أبي؟سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عاماً، وكانت تلك الليلة المشؤومة هي الليلة التي كان يجب أن أُقتل فيها، كان سيتم إلقاء جسدي في ركن من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام، كانت الشرطة سوف تستدعيك لمكتب الطبيب الشرعي للتعرف على جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضاً أنني تعرضت للاغتصاب، القاتل لم يكن ليتم العثور عليه؛ لأننا لا نمتلك ثرواتهم وقوتهم، ومن ثمَّ كنتِ سوف تقضين حياتك في معاناة وعار، وبعد سنوات قليلة كنت سوف تتوفين نتيجة هذه المعاناة، وكان كل شيء سينتهي هناك.رغم ذلك، ومع تلك الضربة اللعينة، تغيرت القصة، جسدي لم يُلقَ جانباً، ولكن في قبر سجن «إيفين» وعنابره الانفرادية، والآن في السجن الذي يشبه القبر في «شهرراي»، ولكن تعرفين جيداً أن الموت ليس نهاية الحياة.أمي العزيزة، لقد تغيرت أيديولوجيتي، أنت لست مسؤولة عن ذلك، كلماتي لا تنتهي، وأعطيتها كلها لشخص ما حتى عندما أعدم من دون وجودك ومعرفتك، يعطيها لك، ولقد تركت لك الكثير من المواد المكتوبة بخط اليد كتراث لي.أمي الطيبة، هي أكثر شيء عزيز عليَّ في حياتي، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب، لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن يتحولوا إلى غبار، توسلي بحيث يتم ترتيب أنه، وبمجرد أن يتم شنقي، سوف يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي ويُعطى لشخص يحتاج إليه كهدية، لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أن يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء لي. أقول لك من أعماق قلبي: إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني.. لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء علي، وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة.. وامنحيني للريح لتأخذني بعيداً.العالم لم يحبنا، والآن أنا استسلم لذلك وأحتضن الموت؛ لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف أتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي.. في العالم الآخر، أنا وأنت من سيوجه التهم، وغيرنا هم المتهمون، دعينا نرى ما يريده الله.. أنا أحبك».ذلك عن «ريحانة» الشباب.. «ريحانة» الشرف، أما عن المجاهد الكبير «غلام أعظم»، فقد جاء موته داخل سجنه وسط أكثر من ستة آلاف من أبناء الجماعة الإسلامية تم اعتقالهم قبل أكثر من عام، وسط حرب شرسة تشنها حكومة «عوامى» العلمانية المتطرفة المدعومة من كل القوى المعادية للإسلام، ضد الجماعة الإسلامية ثاني أكبر القوى شعبية في بنجلاديش؛ وذلك لإزاحتها من الطريق، وتغييبها عن الساحة حتى ينفذوا ما خططوا له، وذلك بتهم مر عليها أكثر من أربعين عاماً، وهي ارتكاب جرائم خلال حرب الاستقلال عام 1971م (انفصال بنجلاديش عن باكستان)، ومحاولة إعاقة استقلال بنجلاديش عن باكستان، وإجبار هندوس على اعتناق الإسلام! وقد تعرض قادة الجماعة لمقصلة من أحكام بالإعدام، حيث أعدم البروفيسور «عبدالقادر ملا»، الأمين العام للجماعة في 12/12/2013م، وهناك عدد آخر ينتظر تنفيذ حكم الإعدام الجائر.إنها الحرب على الإسلام التي تتخذ صوراً وأشكالاً متعددة، ويتم تنفيذها بآليات متباينة.. لكن الله حافظ دينه {$ّيّمًكٍرٍونّ $ّيّمًكٍرٍ پلَّهٍ $ّاللَّهٍ خّيًرٍ پًمّاكٌرٌينّ >30<}(الأنفال).>-----------------------------------------------------(*) كاتب مصري
شعبان عبد الرحمن
أطبق الصمت على العالم، ودخل الضمير الإنساني في غيبوبة أفقدته السمع والبصر، بينما كانت الإيرانية السُّنية الطاهرة «ريحانة جباري» (26 عاماً) تستسلم لحبل المشنقة الظالم يوم احتفال الأمة برأس السنة الهجرية الجديدة.. والتهمة قتل ضابط مخابرات دفاعاً عن شرفها وم
بقلم: شعبان عبدالرحمنأطبق الصمت على العالم، ودخل الضمير الإنساني في غيبوبة أفقدته السمع والبصر، بينما كانت الإيرانية السُّنية الطاهرة «ريحانة جباري» (26 عاماً) تستسلم لحبل المشنقة الظالم يوم احتفال الأمة برأس السنة الهجرية الجديدة.. والتهمة قتل ضابط مخابرات دفاعاً عن شرفها ومنعاً له من اغتصابها قبل سبع سنوات (2007م).وفي نفس اليوم، لقي العالم الرباني المجاهد البروفيسور «غلام أعظم» (92 عاماً)، مؤسس الجماعة الإسلامية في بنجلاديش، ربَّه داخل سجون حكومة «عوامي» العلمانية المجرمة التي لم ترحم شيخوخته ولا مرضه، فألقته مهملاً في زنزانة انفرادية حتى لقي ربَّه.هذه فتاة في ريعان شبابها تدفع حياتها ثمناً لشرفها ودينها، وذلك شيخ كهل يدفع حياته ثمناً لخدمته لدينه وثباتاً على مبادئه.. وهكذا أجيال تتواصل جيلاً بعد جيل؛ حماية للدين وحراسة للعقيدة حتى ولو كان الثمن هو الحياة. مرت الحادثتان أو بالأحرى الجريمتان مروراً مخزياً خجلاً، ولا عزاء للإنسانية في قيمها.إعدام «ريحانة» سيظل عاراً يطارد الجميع؛ لأنه إعدام للشرف والفضيلة.. رسالتها لوالدتها التي تم الكشف عنها بعد إعدامها تنبئ عن شخصية فذة، تمتلك نظرة عميقة للحياة ومعانيها ومراميها، وتحليلاً بصيراً لمجتمعها ووطنها الذي أحبته، لكنه لم يرحمها، ولعل رسالتها لوالدتها تجسِّد ذلك، ولنتوقف قليلاً أمام مقتطفات من تلك الرسالة:«علمت اليوم أنه قد جاء دوري الآن لمواجهة القصاص.. أنا متألمة أنك لم تخبريني بنفسك أنني قد وصلت إلى الصفحة الأخيرة من كتاب حياتي، ألا تظنين بأنني كان يجب أن أعرف؟ تعرفين كم أنا خجولة من حزنك، لماذا لم تعطيني الفرصة لتقبيل يدك ويد أبي؟سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عاماً، وكانت تلك الليلة المشؤومة هي الليلة التي كان يجب أن أُقتل فيها، كان سيتم إلقاء جسدي في ركن من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام، كانت الشرطة سوف تستدعيك لمكتب الطبيب الشرعي للتعرف على جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضاً أنني تعرضت للاغتصاب، القاتل لم يكن ليتم العثور عليه؛ لأننا لا نمتلك ثرواتهم وقوتهم، ومن ثمَّ كنتِ سوف تقضين حياتك في معاناة وعار، وبعد سنوات قليلة كنت سوف تتوفين نتيجة هذه المعاناة، وكان كل شيء سينتهي هناك.رغم ذلك، ومع تلك الضربة اللعينة، تغيرت القصة، جسدي لم يُلقَ جانباً، ولكن في قبر سجن «إيفين» وعنابره الانفرادية، والآن في السجن الذي يشبه القبر في «شهرراي»، ولكن تعرفين جيداً أن الموت ليس نهاية الحياة.أمي العزيزة، لقد تغيرت أيديولوجيتي، أنت لست مسؤولة عن ذلك، كلماتي لا تنتهي، وأعطيتها كلها لشخص ما حتى عندما أعدم من دون وجودك ومعرفتك، يعطيها لك، ولقد تركت لك الكثير من المواد المكتوبة بخط اليد كتراث لي.أمي الطيبة، هي أكثر شيء عزيز عليَّ في حياتي، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب، لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن يتحولوا إلى غبار، توسلي بحيث يتم ترتيب أنه، وبمجرد أن يتم شنقي، سوف يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي ويُعطى لشخص يحتاج إليه كهدية، لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أن يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء لي. أقول لك من أعماق قلبي: إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني.. لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء علي، وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة.. وامنحيني للريح لتأخذني بعيداً.العالم لم يحبنا، والآن أنا استسلم لذلك وأحتضن الموت؛ لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف أتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي.. في العالم الآخر، أنا وأنت من سيوجه التهم، وغيرنا هم المتهمون، دعينا نرى ما يريده الله.. أنا أحبك».ذلك عن «ريحانة» الشباب.. «ريحانة» الشرف، أما عن المجاهد الكبير «غلام أعظم»، فقد جاء موته داخل سجنه وسط أكثر من ستة آلاف من أبناء الجماعة الإسلامية تم اعتقالهم قبل أكثر من عام، وسط حرب شرسة تشنها حكومة «عوامى» العلمانية المتطرفة المدعومة من كل القوى المعادية للإسلام، ضد الجماعة الإسلامية ثاني أكبر القوى شعبية في بنجلاديش؛ وذلك لإزاحتها من الطريق، وتغييبها عن الساحة حتى ينفذوا ما خططوا له، وذلك بتهم مر عليها أكثر من أربعين عاماً، وهي ارتكاب جرائم خلال حرب الاستقلال عام 1971م (انفصال بنجلاديش عن باكستان)، ومحاولة إعاقة استقلال بنجلاديش عن باكستان، وإجبار هندوس على اعتناق الإسلام! وقد تعرض قادة الجماعة لمقصلة من أحكام بالإعدام، حيث أعدم البروفيسور «عبدالقادر ملا»، الأمين العام للجماعة في 12/12/2013م، وهناك عدد آخر ينتظر تنفيذ حكم الإعدام الجائر.إنها الحرب على الإسلام التي تتخذ صوراً وأشكالاً متعددة، ويتم تنفيذها بآليات متباينة.. لكن الله حافظ دينه {$ّيّمًكٍرٍونّ $ّيّمًكٍرٍ پلَّهٍ $ّاللَّهٍ خّيًرٍ پًمّاكٌرٌينّ >30<}(الأنفال).>-----------------------------------------------------(*) كاتب مصري