لماذا يعتقد الجميع ان فى الموت راحه ؟ رغم ان معظمنا يؤمن بفكرة ان كل منا سوف يعذب بعد موته على اخطائه و تتم ايضا مكافئته على ما فعل من اعمال صالحه .. هل الموت بهذه البساطه ؟

لا اعتقد ! فاذا شبهت الموت بلحظة تسليم ورقه الامتحان و انتظار تقييم ما فعلت فى هذه الدنيا و هذه الحياه ستجدة تشبيها ساذج و لا يكفى كم التساؤلات التى تدور فى عقلك بمجرد ان تفكر قليلا فيه

الموت فكرة اعم و اشمل من مجرد خروج الروح من الجسد .. فحتى الجماد يموت , و 
حتى الاشياء المجردة كالأفكار و الحب و العدل و الضمير و الصداقة .. تموت

فكيف لنا ان نرضى بهذا التشبيه الساذج عندما نتذكر الموت و نفكر فيه كوسيله لاشباع فضولنا , و كيف لنا ان يرتبط الموت فقط بصوان الجنازة و اللون الاسود على اجساد 
من يقومون بالعزاء ؟

هل هذا هو الموت ؟ ..كلما فكرت فى ذلك شعرت ان هناك لغزا حول هذه الكلمه اكبر من 
كل هذه المظاهر و هذه التفسيرات السطحية

و قد وجدت الاجابة اخيرا , و سأحاول ان اجعلكم تدركون ما ادركته عنه 

الانسان يتكون من جزئين هما الجسد و الروح , خلق الجسد من طين لا حياة فيه , مجرد مجموعه من الالات متعددة الوظائف متراصه فى ابداع غير مسبوق داخل قرطاس من اللحم و الجلد , ولكن لا حياه فيه

و روح .. تدخل هذا الجسد الميت فتجعل الكتله الدهنيه الموجودة داخل عظام الجمجمه تفكر و تتأمل و تصنع المعجزات , و هذه المضخه التى تضخ الدم فى كل انحاء هذا الجسد تشعر و تتألم و تسعد و ترغب و تريد و تهوى

و لهذا نعتقد ان فى الموت راحه لاننا سنتحرر من قيود الدنيا و قيود الزمان و المكان و سيفنى ما يحاصر هذه الروح لتصعد الى حيث جائت

و ان اردت معرفه ماهو الحى و الفرق بينه و بين الميت ., انظر و تأمل اى انسان لحظة الموت الاصغر ( النوم ) فى هذة الحاله تكون كل وظائف الانسان تعمل بانتظام , يتنفس و يهضم و يسرى دمه فى عروقه و لكن لا يوجد به روح فلا عقل يعمل ولا قلب يشعر 
فهذه الالات لا تجعل من هذا الانسان انسانا بدون الروح التى تسرى بداخله

الجسد خلق من الارض و هو فانٍ لانه يَتّْبِع طبيعه ما خلق منه , اما الروح فهى لا تموت و انما تنتقل من حدود الزمان و المكان التى يرتبط بها الجسد و هو موضعها حتى يأتى وقت عودتها الى ما جائت اليه , الى اللا زمان و اللا مكان

فعند موتك ستنفصل كليا عن الدنيا و لن تنفصل عن الحياة , ستدرك من حولك و لكن ما حولك لن يدركك

 لانك فى هذه الحاله تصبح فى عالم لا يستطيع البشر بأرواحهم و هى داخل هذه الاجساد ان يدركوه , فكما يتصف جسد الانسان بالفناء تتصف روحه بالابدية و لذا نجد الكثير منّا ينسى ان جسده فانٍ لا محاله لانه يحمل ما يتصف بالابدية فى داخله

و كذلك المجردات التى تموت بالنسبة لنا .. الفكره تموت عندما يختفى تأثيرها على من يفكر بها , فتصبح بلا معنى و بلا ادنى تأثير

 والصداقه تموت عندما يموت ما بين الصديقين من ارتباط و حياة و ذكريات

 والذكرى تموت عندما تتذكرها و لا تشعر بما كنت تشعر به فى هذه اللحظه

و الرغبه تموت و الحب يموت و القلب يموت و العقل يموت حتى لو ظل باقى الجسد حياً

هكذا هو الموت .. ان يفقد الشئ الميت روحه و قدرته على التأثير و الشعور بالحياة