الخبيرة النفسية راندة حسين تكتب "حب من طرف واحد"
الخبيرة النفسية راندة حسين تكتب "حب من طرف واحد" S32014211392


روائع الأدب العربى والعالمى، مليئة بقصص الحب والعشق والهيام، بداية من روميو وجوليت، قيس وليلى، عنترة وعبلة، قصص رومانسية تجمع بين عاشقين حفرت مكانها فى قلوبنا وانتهت نهايات سعيدة.

هناك نوع مختلف هو الحب من طرف واحد، حبيب يشتاق، يحلم، يتخيل، يتألم، يملك مشاعر دافئة، يتمسك بحب دون أمل، كطائر بجناح واحد ينظر للسماء بأستمتاع لكنه لا يستطيع أن يحلق فيها، لا يمكن أن تكتب قصة حب إلا بوجود بطل وبطلة، فالحب من طرف واحد ليس حب حقيقى، لا ينم عن رومانسية بل يرتبط بالتركيبة النفسية للمحب.

فى سن المراهقة تكون الصورة غير واضحة، فنجد المراهق يشعر بمزيج من الأعجاب والحب الفطرى والحب من أول نظرة، يصنعه فى خياله كى يجد متنفس لمشاعره، يتخيل أن أحلامه ستتحقق يوماً ما، ينجذب للقصص والأفلام والروايات الرومانسية، يرتبط بالبطل الذى يمثل الصفات التى يتمناها فى الحبيب، أحياناً يصل لدرجة الهوس بشخصية مشهورة ويطاردها فى كل مكان، هذا الحب إذا استمر بعد فترة المراهقة، قد يؤدى لتشويه مفهوم الحب داخلنا.

للحب قوانين وأسرار، تدفع المحب لتحقيق المستحيل، إلا أنه قد يكون مدمراً إذا كان من طرف واحد، ولا يوجد بارقة أمل لأن ينتبه الطرف الأخر أو يبادله نفس الشعور، عدم البوح بالحب خوفاً من الرفض يؤدى إلى ألم ومعاناة، الأفضل أن نبوح بمشاعرنا ونعبر عنها حتى أن قوبلت بالرفض، فألم لحظة أفضل من ألم سنوات، فالحب طريق ذو اتجاهين، إذا كان فى اتجاه واحد لن يصل سوى لمحطات من الفشل والألم والعذاب.

من الناحية النفسية الشخص الذى يحب من طرف واحد، يعانى من عدم النضج العاطفى، عدم نضج التفكير، إلى جانب وجود مشاكل نفسية أثناء مرحلة الطفولة، غالباً ما يكون إعجابه بشخص مرتبط بالغريزة والشهوة، يرسم صورة فى ذهنه، يتمادى فى أحلام مليئة بتخيلات وأوهام ليس لها علاقة بالواقع، هذا المحب يعانى من المازوخية، فهو يشعر بالمتعة عندما يعذب ذاته، وكلما اشتد ألمه النفسى كلما زاد إحساسه بالسعادة.

مشاعر الحزن والشجن أحياناً ما تخرج أجمل ما فينا، لذا نجد الشعراء والأدباء يبدعون فى صياغة أجمل الكلمات ووصف المشاعر حين يمرون بمعاناة الحب من طرف واحد، فالمبدع يحتاج إلى ما يحرك ملكته ليخرج أجمل ما فيه.

يظل لكل قاعدة شواذ، فهناك شخصيات نقابلها فى حياتنا، لا نملك إلا أن نحبها حبا روحيا منزها عن أى ماديات لأنها تستحق مثل هذا الحب، لكنه حب سامى يعرف بالحب فى الله.