أطلق الكثير من الجزائريين، حملة تضامن واسعة النطاق مع الشعب التونسي الشقيق، مباشرة بعد الهجوم الإرهابي الجبان الذي استهدف فندقا ومجمعا تجاريا بمدينة سوسة، خلف مقتل 37 شخصا وإصابة 40 آخر بجروح.



"أنا تونسي"، "الجزائر دائما مع تونس"، هي أبرز الشعارات التي أطلقها الجزائريون من رواد مواقع التواصل الإجتماعي "الفايسبوك"، تضامنا مع الشعب التونسي مباشرة بعد تنفيذ الهجوم الإرهابي الجبان، الذي استهدف فندقين بمدينة سوسة مخلفا عشرات القتلى والجرحى، وأعلنها الجزائريون صراحة، أنهم لن يتركوا أشقاءهم التوانسة وحدهم في محنتهم، ومنهم من أكد أنه سيقضي عطلته الصيفية بمدينة سوسة وبالضبط بالفنادق التي طالتها أيادي الإجرام، بينما علق آخرون أنهم سيقصدون تونس مباشرة بعد انقضاء شهر الصيام مرفوقين بعائلاتهم، ولن تغير وجهتهم التهديدات الإرهابية التي تضرب أهم مصدر اقتصادي لتونس، كما أطلقوا حملة أخرى لتغيير وجهات قضاء العطلة الصيفية نحو تونس و"غزوها" على حد تعبيرهم.

من جانبه، قال ممثل الديوان التونسي للسياحة في الجزائر، بسام الورتاني، انه يتوقع تواصل توافد الجزائريين على تونس، خاصة بعد شهر رمضان، رغم اعتداء سوسة يوم الجمعة، وذكر للشروق "نجزم ان الجزائريين سيدخلون تونس وبكثرة، كما جرى بعد اعتداء باردو شهر مارس الماضي".



تزامنا مع الاحتياطات الأمنية المشددة عبر الحدود الشرقية

جزائريون ألغوا حجوزات ما بعد العيد في الفنادق التونسية 

عرف الشريط الحدودي الجزائري التونسي، عبر ولاية تبسة، منذ العملية الإرهابية التي هزت تونس يوم الجمعة، احتياطات أمنية مشددة، خاصة بعد أن طالت العملية فندقا يؤمه الجزائريون، وبلغ تعداد القتلى 38 سائحا.

فبالإضافة إلى الدوريات الروتينية التي يعرفها الشريط الحدودي، على طول مسافة تتجاوز 300 كيلومتر، بشكل دائم، فقد لوحظت خلال الساعات الماضية، الطائرات المروحية وهي تقوم بعملية مسح لكامل الشريط الحدودي، واللافت في العملية أن تحرك الطائرات التي تتخذ من تبسة قاعدة لها، ازداد أكثر خاصة مع الفترات الليلية، وهذا تحسبا لأي تسلل، أو تحرك من طرف العناصر الإجرامية، التي قد تفكر قياداتها في التسلل إلى الجبال القريبة من الأراضي التونسية، والمحاذية لجبل الشعانبي التونسي. 

وأفاد شهود عيان ممن يقيمون قرب الشريط الحدودي للشروق اليومي، أن عناصر الدرك الوطني المتواجدين عبر 17 مركزا حدوديا متقدما بشرق البلاد، اتخذوا كل الاحتياطات من خلال تشغيل الكاميرات الحرارية، والتي تمكن من مشاهدة أي جسم يتحرك على كامل الشريط الحدودي، كما اتخذت الحواجز الأمنية الثابتة احتياطاتها، بالإضافة إلى تكثيف دوريات عبر مختلف الطرقات والمعابر الاستراتيجية، والاحتياط الأمني لم يمكن من تأمين البلاد من الإرهاب فقط، وإنما أيضا من المهربين الذين توقف نشاطهم منذ العملية الإرهابية سواء من الجهة التونسية أو الجزائرية. 

وأكد أصحاب وكالات سياحية بقسنطينة للشروق اليومي، أن وكالاتهم ستخسر الكثير بعد عملية الجمعة، خاصة أن غالبية الجزائريين يتوجهون منذ ثاني أيام عيد الفطر إلى تونس بقوة، وهناك من المسافرين الذين حجزوا في مدينة سوسة منذ بداية شهر رمضان طالبوا بإلغاء حجوزاتهم، وغالبيتهم أجلوا السفر إلى شهور أخرى، بينما عرفت المراكز الحدودية في تبسة والطارف وسوق أهراس، منذ ظهر الجمعة عبور العائدين إلى أرض الوطن وليس المسافرين إلى تونس. 



وكانت العديد من الفنادق في مدينة سوسة قد غازلت الجزائريين قبل شهر رمضان وقدمت لهم مغريات سياحية تتماشى مع الشهر الفضيل، من حفلات جزائرية وأطعمة أيضا جزائرية تقليدية، وتمكنت من كسب بعض السياح وكان العدد سيتضاعف في النصف الثاني من رمضان، ولكن العملية الأخيرة نسفت كل البرامج السياحية في تونس وخاصة في مدنية سوسة التي زارها في السنة الماضية قرابة نصف مليون جزائري حسب إحصاءات تونسية، ولم يبق في يد التونسيين -بحسب صاحب وكالة سياحية جزائرية- سوى المراهنة على خفض الأسعار في النصف الثاني من جويلية وشهر أوت، وهي الفترة الحسنة بالنسبة للسياحة التونسية من أجل جلب الجزائريين بعد أن تأكد عزوف السياح الأوروبيين، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.





اعتداء سوسة أخلط حسابات الوكالات السياحية

حملات دعائية وعروض مغرية لإقناع الجزائريين بقضاء العطلة في تونس 

أخلط الهجوم الإرهابي الذي استهدف سياحا بفندق بولاية سوسة، بالساحل الشرقي التونسي، حسابات الوكالات السياحية بالجزائر، التي كثفت عروضها المغرية للرحلات نحو تونس بعد رمضان، حيث سارعت جل الوكالات عبر مواقعها وحساباتها على الفايسبوك، إلى إطلاق حملة تضامنية مع الشعب التونسي لتشجيع الجزائريين على قضاء عطلتهم هناك وعدم إلغاء حجوزاتهم.

تعيش مختلف الوكالات السياحية في الجزائر منذ أول أمس، على الأعصاب، بسبب الهجوم الإرهابي الذي استهدف لأول مرة منطقة سياحية بتونس، والتي كانت تعول عليها الوكالات في أجندتها للرحلات السياحية الصيفية كوجهة أولى للجزائريين، حيث بدأ البعض منهم في إلغاء الحجوزات خوفا من الأوضاع الأمنية غير المستقرة، فيما قرر آخرون، وتضامنا مع الشعب التونسي الشقيق، قضاء العطلة في تونس، وهي المعادلة المتناقضة التي وقفت عليها الشروق أمس، خلال اتصالها بالعديد من الوكالات السياحية التي لديها برامج خاصة بتونس في هذه الصائفة، حيث كشف مدير وكالة الجزيرة للسياحة والأسفار عماد دخيلي، عن تلقي وكالته عدة اتصالات منذ أول أمس لإلغاء الحجوزات التي كانت مقررة نحو تونس وتغييرها لوجهات أخرى على غرار دبي وشرم الشيخ، وأكد في السياق، على أنه لا يمكن الجزم بعزوف الجزائريين عن الذهاب لتونس بسبب الإرهاب، لكن ـ حسبه ـ هناك من قرر تغيير الوجهة وهناك من فضل الإبقاء على الحجز دون التفكير في الاعتداء الإرهابي، مشيرا إلى أن وكالته مستمرة في برنامجها العادي ولن تغير شيئا.

وفي السياق ذاته، أطلق الجزائريون حملات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" و"تويتر" منذ أول أمس، لمساندة الأشقاء في تونس، وهذا، من خلال الدعوة إلى زيارة تونس في الصيف باعتبار أن الجزائريين يمثلون الرقم الأكبر في السياحة التونسية، ولتفادي أي مشاكل وتذبذبات في الرحلات واكبت الوكالات السياحية الحدث لتطلق هي الأخرى حملات لتطمين السياح الجزائيين من خلال تقديم عروض مغرية وحثهم على عدم تغيير الوجهة كنوع من التضامن مع الشعب التونسي، وحتى لا تخسر الوكالات أموالا باهضة نظير الإلغاء الذي لم يكن في الحسبان، ومن جهته أكد مدير والوكالة السياحية "لالة باية" رضا بلحسن على أن وكالته استقبلت إلغاء حجز واحد لحد الآن، فيما اعتبر بأنه لا يمكن الحكم على الوضع حاليا لأن الجزائريين من عادتهم التسجيل في الرحلات لآخر لحظة في نهاية شهر رمضان، أما فيما عدا ذلك-يقول- سيبقى البرنامج على حاله، وبخصوص تخفيض الأسعار في الفنادق، بسبب انعدام الأمن، قال "لا أظن، ستبقى الأسعار على حالها"، وأضاف "لقد جربنا هذا الوضع العام الماضي وتبين لنا ارتفاع الطلب وإقبال الجزائريين على تونس". وكشف في السياق، أن تونس تبقى الوجهة رقم واحد للجزائريين، حيث تلقت وكالته 1500حجز نحو تونس، ومنها 20 حجزا جديدا في مدينة سوسة.



هذا، وقد فضل بعض مديري الوكالات السياحية الذين تحدثت الشروق معهم، عدم تقييم الوضع حاليا، معتبرين ذلك سابقا لأوانه، وحتى بالنسبة لإلغاء الحجوزات، فأكدوا على أن الجزائريين حاليا منهمكون في رمضان والصيام ولن يفكروا في العطلة حتى آخر أسبوع، وحينها فقط يمكن الحديث-حسبهم- عن عزوف الجزائريين أو تأكيدهم للحجوزات المقررة نحو تونس.