كان لأمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها مكانةٌ مرموقة في الحديث، رواية ودراية، وقد شهد لها بذلك الصحابة والتابعون؛ فمن ذلك قول أبي موسى الأشعري: "ما أشكَل علينا أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثٌ قط، فسألنا عائشة رضي الله عنها، إلا وجَدنا عندها منه علم"[1].
ويمكننا أن نلخِّص مكانتها العلميَّة فيما يلي:
• عائشة رضي الله عنها من المُكثِرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء منهم: أنسٌ، وجابر، وابن عبَّاس، وابن عمر، وأبو هريرة، وعائشة.
• وأما مركزها في مرويَّات الكتب الستة، فمرويَّاتها فيها تأتي في الدرجة الثانية بعد أبي هريرة رضي الله عنهما.
"فمجموع أحاديث أبي هريرة في الكُتب الستة: (3370) ثلاثة آلاف وثلاثمائة وسبعون حديثًا.
ومجموع مرويات عائشة رضي الله عنها (2081) ألفين وواحد وثمانين حديثًا"[2].
• مروياتها في الصحيحين:
قال الذهبي رحمه الله: "اتفق البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين حديثًا، وانفرد مسلم بتسعة وستين حديثًا"[3] .
أي: إن مجموع أحاديثها في الصحيحين: (299) مائتا حديث وتسعة وتسعون حديثًا.
ولكنها امتازت عنهم بأن معظم الأحاديث التي روَتها قد تلقَّتها مباشرةً من النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن معظم الأحاديث التي روتها كانت تتضمَّن السُّنن الفعلية؛ ذلك أن الحُجرة المباركة أصبحت مدرسةَ الحديث الأولى، يقصدها أهل العلم لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وتلقِّي السنة من السيدة عائشة - التي كانت أقربَ الناس إلى رسول الله - فعل ذلك الكثير من الصحابة والتابعين، فكانت لا تَبخل بعِلمها على أحد منهم؛ ولذلك كان عدد الرواة عنها كبيرًا.
كانت رضي الله عنها ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي، وقد لاحَظنا ذلك من رواية عروة بن الزبير عندما قالت له: "يا ابن أختي! بلغني أن عبد الله بن عمرو مارٌّ بنا إلى الحج، فالقه فسائله؛ فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علمًا كثيرًا"، قال: فلقيتُه فساءلتُه عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عروة: فكان فيما ذكَر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعًا، ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم، ويُبقي في الناس رؤسًا جهالًا، يُفتونهم بغير علم، فيَضلون ويُضِلون))، قال عروة: فلما حدثتُ عائشةَ بذلك أعظمَت ذلك وأنكرَته؛ قالت: أحدَّثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابل، قالت له: إن ابنَ عمرو قد قدم، فالقَه، ثم فاتِحه حتى تسأَله عن الحديث الذي ذكره لك في العِلم، قال: فلقيته فساءلته، فذكَره لي نحو ما حدَّثني به في مرَّته الأولى، قال عروة: فلما أخبرتها بذلك، قالت: ما أحسبه إلا قد صدَق؛ أراه لم يَزد فيه شيئًا ولم يَنقص[4].
ولذلك كان بعض رواة الحديث يأتون إليها ويُسمِعونها بعض الأحاديث؛ ليتأكَّدوا من صحتها، كما أنهم لو اختلفوا في أمر ما رجَعوا إليها.
ومن هذا كله يتبيَّن لنا دور السيدة عائشة وفضلُها في نقل السنة النبوية ونشرها بين الناس، ولولا أن الله تعالى أهَّلها لذلك لضاع قسمٌ كبير من سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم الفعليَّة في بيته عليه الصلاة والسلام؛ فعن هشام، عن أبيه قال: كان أبو هريرة يحدث ويقول: اسمعي يا ربة الحجرة.
• كثرة تلاميذها الذين بلَغوا نحو ثلاثمائة وخمسين راويًا، ومن هؤلاء الرواة عنها صحابةٌ كرام رضي الله عنهم، بل منهم مشيخة الصحابة من المهاجرين والأنصار؛ روى عنها أفضل الرجال، فقد روى عنها أبوها أبو بكر رضي الله عنه، وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابنه عبد الله، وروى عنها أيضًا الحسن بن علي بن أبي طالب.
وقد بزَغَت أسماءٌ من تلاميذها من التابعين؛ منهم: عروة بن الزبير، وهو من الفقهاء السبعة، وهو من المكثرين عن عائشة رضي الله عنها.
ومنهم: هشام بن عروة، من أئمَّة الحديث.
ومنهم: القاسم بن محمد بن أبي بكر، من الفقهاء السبعة.
ومنهم: مسروق بن الأجدع، وكان أعلمَ أهل زمانه بالفُتيا.
ومنهم: عَمرة بنت عبد الرحمن، وكانت فقهية عالمة بالحديث وثقة.
وقد فاق علمُ عائشة رضي الله عنها جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، بل لو جمعت مرويات زوجاته صلى الله عليه وسلم لم يبلغن شيئًا من مرويَّات عائشة رضي الله عنها وحدها.
وقال سفيان الثوري: "عِلمها أكثر من علم أيٍّ من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم".
[1] صحيح: رواه الترمذي (3818)، وقال: حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في "صحيح المشكاة" (6185).
[2] راجع في ذلك تحفة الأشراف.
[3] سير أعلام النبلاء (2 /135).
[4] رواه مسلم (4829).
ويمكننا أن نلخِّص مكانتها العلميَّة فيما يلي:
• عائشة رضي الله عنها من المُكثِرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء منهم: أنسٌ، وجابر، وابن عبَّاس، وابن عمر، وأبو هريرة، وعائشة.
• وأما مركزها في مرويَّات الكتب الستة، فمرويَّاتها فيها تأتي في الدرجة الثانية بعد أبي هريرة رضي الله عنهما.
"فمجموع أحاديث أبي هريرة في الكُتب الستة: (3370) ثلاثة آلاف وثلاثمائة وسبعون حديثًا.
ومجموع مرويات عائشة رضي الله عنها (2081) ألفين وواحد وثمانين حديثًا"[2].
• مروياتها في الصحيحين:
قال الذهبي رحمه الله: "اتفق البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين حديثًا، وانفرد مسلم بتسعة وستين حديثًا"[3] .
أي: إن مجموع أحاديثها في الصحيحين: (299) مائتا حديث وتسعة وتسعون حديثًا.
ولكنها امتازت عنهم بأن معظم الأحاديث التي روَتها قد تلقَّتها مباشرةً من النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن معظم الأحاديث التي روتها كانت تتضمَّن السُّنن الفعلية؛ ذلك أن الحُجرة المباركة أصبحت مدرسةَ الحديث الأولى، يقصدها أهل العلم لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وتلقِّي السنة من السيدة عائشة - التي كانت أقربَ الناس إلى رسول الله - فعل ذلك الكثير من الصحابة والتابعين، فكانت لا تَبخل بعِلمها على أحد منهم؛ ولذلك كان عدد الرواة عنها كبيرًا.
كانت رضي الله عنها ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي، وقد لاحَظنا ذلك من رواية عروة بن الزبير عندما قالت له: "يا ابن أختي! بلغني أن عبد الله بن عمرو مارٌّ بنا إلى الحج، فالقه فسائله؛ فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علمًا كثيرًا"، قال: فلقيتُه فساءلتُه عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عروة: فكان فيما ذكَر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعًا، ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم، ويُبقي في الناس رؤسًا جهالًا، يُفتونهم بغير علم، فيَضلون ويُضِلون))، قال عروة: فلما حدثتُ عائشةَ بذلك أعظمَت ذلك وأنكرَته؛ قالت: أحدَّثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابل، قالت له: إن ابنَ عمرو قد قدم، فالقَه، ثم فاتِحه حتى تسأَله عن الحديث الذي ذكره لك في العِلم، قال: فلقيته فساءلته، فذكَره لي نحو ما حدَّثني به في مرَّته الأولى، قال عروة: فلما أخبرتها بذلك، قالت: ما أحسبه إلا قد صدَق؛ أراه لم يَزد فيه شيئًا ولم يَنقص[4].
ولذلك كان بعض رواة الحديث يأتون إليها ويُسمِعونها بعض الأحاديث؛ ليتأكَّدوا من صحتها، كما أنهم لو اختلفوا في أمر ما رجَعوا إليها.
ومن هذا كله يتبيَّن لنا دور السيدة عائشة وفضلُها في نقل السنة النبوية ونشرها بين الناس، ولولا أن الله تعالى أهَّلها لذلك لضاع قسمٌ كبير من سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم الفعليَّة في بيته عليه الصلاة والسلام؛ فعن هشام، عن أبيه قال: كان أبو هريرة يحدث ويقول: اسمعي يا ربة الحجرة.
• كثرة تلاميذها الذين بلَغوا نحو ثلاثمائة وخمسين راويًا، ومن هؤلاء الرواة عنها صحابةٌ كرام رضي الله عنهم، بل منهم مشيخة الصحابة من المهاجرين والأنصار؛ روى عنها أفضل الرجال، فقد روى عنها أبوها أبو بكر رضي الله عنه، وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابنه عبد الله، وروى عنها أيضًا الحسن بن علي بن أبي طالب.
وقد بزَغَت أسماءٌ من تلاميذها من التابعين؛ منهم: عروة بن الزبير، وهو من الفقهاء السبعة، وهو من المكثرين عن عائشة رضي الله عنها.
ومنهم: هشام بن عروة، من أئمَّة الحديث.
ومنهم: القاسم بن محمد بن أبي بكر، من الفقهاء السبعة.
ومنهم: مسروق بن الأجدع، وكان أعلمَ أهل زمانه بالفُتيا.
ومنهم: عَمرة بنت عبد الرحمن، وكانت فقهية عالمة بالحديث وثقة.
وقد فاق علمُ عائشة رضي الله عنها جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، بل لو جمعت مرويات زوجاته صلى الله عليه وسلم لم يبلغن شيئًا من مرويَّات عائشة رضي الله عنها وحدها.
وقال سفيان الثوري: "عِلمها أكثر من علم أيٍّ من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم".
[1] صحيح: رواه الترمذي (3818)، وقال: حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في "صحيح المشكاة" (6185).
[2] راجع في ذلك تحفة الأشراف.
[3] سير أعلام النبلاء (2 /135).
[4] رواه مسلم (4829).