إليّ ، إليّ، يا غرباء يا فقراء يا مرضى |
كسيري القلب والأعضاء ، قد أنزلت مائدتي |
إليّ ، إليّ |
لنَطْعَمَ كسرة من حكمة الأجيال مغموسه |
بطيش زماننا الممراح |
نُكسِّر، ثم نشكر قلبنا الهادي |
ليرسينا على شط اليقين، فقد أضل العقل مسرانا |
إليّ إليّ |
أنا، طوفت في الأوراق سواحاً، شبا قلمي |
حصاني، بعد أن حلمت بي الأوهام والغفله |
سنين طوال، في بطن اللجاج، وظلمة المنطق |
وكنت إذا أجن الليل، واسنخفى الشجيونا |
وحنّ الصدر للمرفق |
وداعبت الخيالات الخليينا |
ألوذ بركني العاري، بجنب فتيلي المرهق |
وأبعث من قبورهم عظاماً نخرة ورؤوس |
لتجلس قرب مائدتي، تبث حديثها الصياح و المهموس |
وان ملت، وطال الصمت، لا تسعى بها أقدام |
وان نثرت سهام الفجر ، تستخفي كما الأوهام |
وقالت: |
بأن النهر ليس النهر، و الإنسان لا الإنسان |
وأن حفيف هذا النجم موسيقى |
وأن حقيقة الدنيا ثوت في كهف |
و أن حقيقة الدنيا هي الفلسان فوق الكف |
وأن الله قد خلق الأنام ، ونام |
و أن الله في مفتاح باب البيت |
ولا تسأل غريقاً كُبّ في بحرٍ على وجهه |
لينفخ بطنه عشباً وأصدافاً وأمواها |
كذلك كنت |
وذات صباح |
رأيت حقيقة الدنيا |
سمعت النجم و الأمواه والأزهار موسيقى |
رأيت الله في قلبي |
لأني حينما استيقظت ذات صباح |
رميت الكتب للنيران، ثم فتحت شُباكي |
وفي نفس الضحى الفواح |
خرجت لأنظر الماشين في الطرقات، والساعين للأرزاق |
وفي ظل الحدائق أبصرت عيناي أسراباً من العشاق |
وفي لحظة |
شعرت بجسمي المحموم ينبض مثل قلب الشمس |
شعرت بأنني امتلأت شعاب القلب بالحكمه |
شعرت بأنني أصبحت قديساً |
وأن رسالتي .. |
هي أن أقدسكم. |